کد مطلب:248608 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:236

ولادة الامام
كان قد مر من عمر الامام الثامن علی بن موسی الرضا علیه السلام اكثر من اربعین عاما لكنه لم یرزق بولد، فكان هذا الأمر محزنا و مقلقا للشیعة، حیث كانوا یعتقدون - حسب الروایات الواردة عن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) و الأئمة المعصومین (علیهم السلام) - بان الامام التاسع سیكون ابن الامام الثامن، و لهذا كانوا ینتظرون بفارغ الصبران یمن الله تعالی علی الامام الرضا علیه السلام بولد، حتی انهم فی بعض الأحیان كانوا یذهبون الی الامام (علیه السلام) و یطلبون من ان یدعو الله سبحانه بان یرزقه ولدا، و الامام (علیه السلام) یسلیهم فی الجواب و یقول لهم:

«ان الله سوف یرزقنی ولدا یكون الوارث لی والامام من بعدی» [1] .

و اخیرا ولد الامام محمد الجواد (علیه السلام) فی الیوم العاشر من شهر رجب عام (195) هجریة قمریة [2] .



[ صفحه 8]



و قد سمی ب«محمد»، و كنیته «ابوجعفر»، و أشهر ألقابه «التقی» و «الجواد».

و اشاعت ولادته الفرح و السرور فی المجتمع الشیعی، و أدت الی تقویة الایمان و الاعتقاد، و ذلك لان التردید الذین كان من الممكن ان یطرأ علی قلوب بعض الشیعة- بسبب تأخر ولادة هذا الامام الكریم قد زال تماما.

أما والدة الامام الجواد فاسمها «سبیكة»، و قد سماها الامام الرضا علیه السلام ب«خیزران».

و تنحدر هذه السیدة الكریمة من أسرة «ماریة القبطیة» [3] زوج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و تعد من أفضل نساء عصرها فی الفضائل الأخلاقیة، و فی احدی الروایات ان النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) قد سماها ب«خیرة الامام»، [4] و قد بین الامام موسی بن جعفر علیهماالسلام قبل ان تدخل هذه السیدة الی بیت الامام الرضا علیه السلام بعدة سنوات بعض خصائصها و میزاتها، و أرسل الیها سلاما بواسطة احد أصحابه و هو «یزید بن سلیط» [5] .

تقول «حكیمة» أخت الامام الرضا علیه السلام: عند ولادة الامام محمد الجواد (علیه السلام) طلب منی اخی أن أكون الی



[ صفحه 9]



جانب «خیزران»، و فی الیوم الثالث من ولادة هذا الطفل فقد فتح عینیه و نظر الی السماء ثم التفت یمینا و شمالا و قال:

«اشهد ان لا اله الا الله و أشهد ان محمدا رسول الله»، و لما لا حظت هذا الأمر العجیب نهضت خائفة مضطربة و ذهبت الی اخی و نقلت له ما شاهدته، فقال الامام: ان ما سوف ترونه منه بعد ذلك اكثر مما رأیتموه لحد الآن [6] .

یقول «ابویحیی الصنعانی»:

كنت عند الامام الرضا علیه السلام فجحاءوا الیه بالامام الجواد و كان طفلا صغیرا، فقال:

«ان هذا المولود لم یولد للشیعة مولود اكثر بركة منه» [7] .

و لعل قول الامام هذا كان بسبب ما اشرنا الیه آنفا، و ذلك لان ولادة الامام الجواد قد ازالت القلق من قلوب الشیعة حیث كان یحزنهم ان لا یكون للامام الرضا (علیه السلام) خلیفة، و انتشلت ایمانهم من ان یتلوث بالشك و التردید.

یقول (النوفلی): عند ما سافر الامام الرضا (علیه السلام) الی خراسان قلت له: أتأمرنی بشی ء؟

قال: علیك ان تتبع من بعدی ولدی «محمدا»، فأنا ذاهب الی سفر لا اعود منه [8] .



[ صفحه 10]



یقول «محمد بن ابی عباد» و هو كاتب الامام الرضا علیه السلام: كان الامام (علیه السلام) یذكر ابنه محمدا بكنیته [9] و اذا وصلته رسالة من الامام الجواد (علیه السلام) قال (ع): «كتب الی ابوجعفر...»، و اذا كتبت رسالة لابی جعفر (بأمر من الامام الرضا (علیه السلام) فانه كان یخاطبه باكبار و احترام. و الرسائل التی تأتی من الامام الجواد (علیه السلام) كانت فی غایة البلاغة و الجمال.

و یقول «محمد بن ابی عباد» ایضا: سمعت الامام الرضا علیه السلام یقول: ابوجعفر وصیی من بعدی و خلیفتی من اهل بیتی [10] .

یقول «معمر بن خلاد»: كان الام الرضا علیه السلام قد ذكر موضوعا فقال: ما الداعی لان تسمعوا منی هذا الموضوع؟ هذا ابوجعفر قد أجلسته فی محلی و جعلته فی مكانی (فأی سؤال او مشكلة تواجهكم فهو یجیبكم علیها)، فنحن اهل بیت یرث فیه الأبناء ما لدی الآباء (من حقائق و معارف و علوم) بصورة تامة [11] .

(والمقصود هو ان جمیع علوم الامامة و مقاماتها تصل الی الامام اللاحق من الامام السابق، و هذا مختص بالأئمة علیهم السلام و لا یشمل سائر أولادهم).



[ صفحه 11]



ینقل «الخیرانی» عن ابیه أنه قال: كنت عند الامام الرضا علیه السلام فی خراسان فسأله شخص: لو حدث لك أمر فلمن نرجع؟

قال: ارجعو الولدی ابی جعفر.

و كأن السائل لم یكن یری عمر الامام الجواد كافیا (و هو یفكر كیف یمكن ان یتولی الامامة طفل صغیر)، فقال الامام الرضا علیه السلام: «لقد بعث الله تعالی عیسی بالنبوة و الرسالة بینما كان عمره أقل من العمر الحالی لابی جعفر» [12] .

یقول «عبدالله بن جعفر»: ذهبت مع «صفوان بن یحیی» الی الامام الرضا علیه السلام، و كان الامام الجواد حاضرا و عمره ثلاث سنین، فسألنا الامام: لوجری لك حادث فمن هو خلیفتك؟

فأشار الامام الی ابی جعفر و قال: ولدی هذا.

قلنا: و هو بهذا العمر؟

قال: اجل بهذا العمر و هذه السن، والله تعالی جعل عیسی علیه السلام حجته بینما لم یصل عمره حتی الی ثلاث سنین [13] .


[1] البحار ج 50 ص 15، عيون المعجزات ص 107.

[2] و بناء علي قول آخر فقد كانت ولادته في شهر رمضان المبارك.

[3] مارية القبطية أمة تزوجها رسول الله (ص) و هي ام ابراهيم ابن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).

[4] الكافي - ج 1 ص 323.

[5] الكافي - ج 1 ص 315.

[6] المناقب - ج 4 ص 394.

[7] الانوار البهية ص 125، الكافي - ج 1 ص 321، الارشاد للمفيد ص 299.

[8] عيون أخبار الرضا - ج 2 ص 216.

[9] من المعروف انه اذا اريد احترام شخص فهم يذكرونه بكنيته.

[10] عيون أخبار الرضا - ج 2 ص 240.

[11] الكافي - ج 1 ص 321، الارشاد للمفيد ص 298.

[12] الكافي - ج 1 ص 322، الارشاد للمفيد ص 299.

[13] كفاية الأثر ص 324، البحار - ج 50 ص 35 (و قد نقلنا هذه الرواية بمعناها لاينصها).